موضوع: عاشت الحرية ..قصة : غاندي برزنجي الأربعاء سبتمبر 07, 2011 7:06 am
غاندي برزنجي
لقد كانت هذه نهاية متوقعة لأمثالي، الذين يقودون سيارتهم بسرعةٍ جنونيّة ،وكانت الشاحنة الكبيرة التي ظهرت أمامي فجأةً قدري المحتوم. لم أعرف في البداية أنني مت ، وعرفتُ هذه الحقيقة المرّة ، فقط عندما سمعت الأشخاص الذين تجمعوا في المكان يقولون لبعضهم لقد مات السائق. كنتُ أشعر بكل الذين حولي، لكنني كنت عاجزاً عن الحركة، أو حتى الكلام .... لقد متُّ حقاً... حملني شخصان إلى إحدى السيارات ،وأخذاني إلى المشفى ، وهناك وضعوني في برّادٍ ضخم ، وما هي إلّا سويعات قليلة، حتى جاء الإخوة والأخوات ، وبعض الأصدقاء و الأقرباء ، وأجهشوا عليّ بالبكاء والنواح،ثمّ تمت مراسيم الدفن، ووجدتُ نفسي بعدئذٍ في قبرٍ ضيّقٍ مظلم ، وشعرتُ بحركة الناس وهم يغادرون المقبرة وبقيتُ لوحدي لأولّ مرة أشعر بالوحدة... إنها وحدة حقيقية... لكن لم تمرّ سوى هنيهات قليلة ، وإذا بشخصين متقدمين في العمر، يشبهان بعضهما كثيراً من حيث الهيأة ، فكلاهما يملكان لحية بيضاء طويلة، وحاجبين أبيضين كثيفين، ويلبس كلّ واحدٍ منهما جلباباً أبيض ، وفي يد كلٍّ منهما عصا غليظة. لم أحتر في أمرهما كثيراً ، لأنني تذكرتُ كلام جدي لي : (يأتي ملكان من عند الله ويسألان المتوفى من ربك وما دينك ) وعندما قلتُ لجدّي: وبأيّ لغةٍ يسألان قال لي: بالعربيّة فقلتٌ لجدي: وهل الملائكة عرب فردّ عليّ وقد أحمرّ وجهه العربية لغة القرآن فسألته: وكيف سيفهم الرجل الإنكليزيّ والفرنسيّ أسئلة الملاكين أجابني: الله قادرٌ على كلّ شيء، سيجعلهما الله يفهمان ويردان على الملاكين فقلتُ له :ولِم لا يجعل الله الملاكين يتحدثان بكل اللغات فردّ جدّي غاضباً: أيها المنافق اصمت ولا تكفر اقترب مني الملاكان قائلين معاً : السلام عليكم فرددت وعليكم السلام ثمّ بدأا بسؤالي باللغة الكردية وليس العربية كما زعم جدّي فقلتُ لهما : كم أنا سعيد بأنكما تتحدثان لي بلغتي، ففي الحياة كانت لغتنا غير معترفٍ بها ، كما أنّ أجهزة الأمن عندنا أبعد الله شرها عنكما ، كانت تعتقل المدرسين الكورد الذين كانوا يعلمونها للناس أجاب أحد الملاكين : الله لا يفرق بين أحدٍ من عباده غادر الملاكان المكان، فأحسستُ للمرّة الأولى بأنني إنسان صحيح أنا ميت، لكنني أشعر بوجودي وكياني غمرتني الفرحة ، ومن شدة سعادتي صرختُ بأعلى صوتي: فلتسقط التفرقة ، عاشت المساواة عندها سمعتُ صوت أحدهم يقول لي : اصمت ، ما هذه الشعارات الغريبة ، هيّا خذوه يا لتعاستي، لم تكتمل فرحتي، فأجهزة الأمن موجودة حتى في القبور جاء رجلان واقتاداني معهما ، وفي الطريق لم يكن يراودني إلّا سؤال واحد كيف سيعاقبونني وما هو شكل العقاب فأنا ميت والميت لا يحسُّ ولا يشعر بالألم أطلقتُ ضحكة عالية أيقظت الموتى من رقادهم وناديتُ بأعلى صوتي عاشت الحريّة