ـ مرة أخرى ... وقفة مع طروحات الأستاذ غسان المفلح ـ
وليد حاج عبد القادر
كعادته .. وبذكاء ـ نقرها له ـ يجرجرنا ـ وبأسلوب ـ الأستذة ايضا ـ الكاتب السيد غسان المفلح الى فضاآت متداخلة من القضايا النقاشية والخلافية بامتياز ... واستميحه عذرا والقراء بسرد هذه القصة القصيرة عساها تدفعنا في النقاشات القادمة الى المباشرة والمرتكزات .... تقول القصة وباختصار أن بدويا ـ ولن أقولها كرديا ـ مر بطريقه ذات يوم صيفي قائظ بقرية كردية ... وفي اطرافها لمح فلاح وسط بستانه الملأى بالبطيخ والبدوي قد بلغ به العطش مداه .. فقال في سره .. سأمر على هذا الكردي مسلما ومجاملا عساي ان احظى منه ببطيخة اروي بها عطشي .... فدنا منه وهويصيح : يا كردي السلام عليكم ... تطلع فيه الكردي قائلا : انا بطيخ ما ينطي ... رد عليه البدوي : انا أسلم عليك وانت تقول هكذا ... رد الكردي : السلام يجر كلام ... والكلام يجر بطيخ ..انا بطيخ ما ينطي ـ أو خلاص...
وهكذا حال الأستاذ غسان الذي يفرض علينا ان نسأله وببداهة تامة : عن الكرد ..هل هم قوم ..شعب .. فئة ضالة وسط التاريخ والجغرافيا .... اسئلة واسئلة ستفرض نفسها في جدلية لن تنتهي ـ خصوصا ـ وان النقاش ومحور ـ جرعاته ـ يزيدها الأستاذ غسان كل مرة مضيفا الجديد !!! ....
الأستاذ غسان : ..لماذا نصر على تجاهل ـ ان لم أقل القفز على ـ الإتفاقات والمعاهدات التي وسمت لا بل رسمت الخارطة السياسية للمنطقة بما فيها العربية وبأبعادها القطرية ؟ .. وهل خانت فينا الذاكرة فنشطب من سجلات التاريخ وملفات سايكس بيكو المنطقة التي كانت ممنوحة للروس ؟ ؟ .... والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة : لماذا نثني الخرائط لا بل نكيفها حسب مزاجياتنا ورؤانا الفكرية /القوموية ؟ ... وهل كردستان هو وهم ..أو مجرد تصور لوطن لا يعرفه التاريخ او الجغرافيا وانما عشعش ولايزال في مخيلة الشعراء والأدباء الكرد ؟؟ ... اسئلة هي برسم الإجابة ايضا منكم استاذنا القدير ووفق قراءتكم للتكوين الجيو / تاريخي للمنطقة واستقراءاتكم الديمقراطية !! ..اجابات ستختزل الكثير من السجال والجدال وايضا درجة التقارب /الهوة بين المواقف المطروحة ... لا لتثبيت حق توراتي بقدر ما هو توضيح وتطبيق لموقف مبدئي وبلبوسها الديمقراطي ... خصوصا والازدواجية او ما اصطلح عليه ـ مقولة الكيل بمكيالين ـ وما تنضح به ـ اناء ـ مفكري التيار القومي العربي ـ هذه الازدواجية الصارخة وعلى حد قول المفكر الفلسطيني الراحل ادوارد سعيد ومقولته / اختلاق وذاكرة ومكان / .. ومفهوم الذاكرة والجغرافيا ..والتجربة التاريخية الجمعية ...ولعل استطرادات الدكتور ادوارد في هذا الجانب فيه الكثير من التوضيح والرد .. ان : .. أن الهويات مهما كان نوعها انما هي صناعة ذاكرة تتفاعل مع جغرافية وحاجات جماعية اجتماعية اي انها في حقيقتها صناعة اساطير / .. والجميع على حد تعبيره ـ صناع اساطير ـ .. وليخلص في النهاية الى مقولته / .. ان كل هوية قومية اواجتماعية هي صناعة ثقافية وان الأمم جماعات متخيلة كما يذهب اندرسون ... / .. والهدف هو ـ .. طمس الفرق الذي اجتهد ادوارد سعيد نفسه لاقامته بين هويات يختلقها المستعمرون لأنفسهم وبين واقع الشعب الذي يتعرض للمحو والتجاهل ...... نحن نفهم مسألة اختلاق الهويات ولكن جعل مثل هذا الاختلاق قانونا عاما يسري على كل الهويات الوطنية والقومية والجغرافيات لا يجب ان يخدعنا مرماه النهائي في تجريد الضحية من هويتها المقاومة والزعم بأنها هوية مختلقة شأنها في ذلك شأن أي هوية ... ـ ..وهذا الكلام كله لبس من عندي ** ولقد لوحظ ـ وبشكل صارخ في ادبيات وتصورات القوميين العرب العمل على ترسيخ القطرية ـ وهذا شأنهم ـ ولكن معزوفتهم ـ استاذ غسان ـ مازالت هي بنغماتها وان اختلفت الطرق والأدوات خصوصا بعد سقوط طاغية بغداد والفشل الذريع لأنظمة الإستبداد بأحزابها القومجية العنصرية والتي ما فتأت تعمل المستحيل في صهر كل المكونات غير العربية بالقوة او اية وسيلة اخرى وهذا النهج ـ الجديد ـ الذي اختطه القوميون العرب بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم كمسلك ـ ذاك النهج ـ على حد قول الصحفي العراقي ـ الديمقراطي جدا !! ـ / عوني فرسخ / في جريدة الخليج عدد 11212 تاريخ 29/1/ 2010 الصفحة 14 في مقالته ـ المثقفون والمسؤولية التاريخية عن الوحدة ـ ....واختزاله التجارب العربية في القرن الماضي و مبادئها الستة / ..... : الإستقلال الوحدة والديمقراطية والتنمية الشاملة والعدالة الإجتماعية والتجدد الحضاري وهي الأهداف التي التقى على الإلنزام بها ...... اعضاء من التيارات الفكرية : القومي والإسلامي والليبرالي والماركسي فالأهداف الستة غدت اهداف القوى الفكرية والسياسية العربية كافة . والثابت ان الفكر القومي العربي منذ نشأته الأولى اكد اعتبار اصحاب الوجود التاريخي والطبيعي في عموم الوطن العربي !! ـ اشارات التعجب مني ـ على اختلاف اصولهم السلالية واديانهم ومذاهبهم وطوائفهم شركاء مسيرة ومصير واجزاء لا تتجزأ من الأنسجة المجتمعية حيث أقاموا لهم حقوق المواطنة كافة وعليهم التزاماتها .... / ويؤكدالسيد عوني على التجانس والإنسجام فأضحى المواطنون يشكلون اكثريتين ... / ... عربية تضم مسلمين ومسيحيين ومسلمة تضم عربا وغير عرب .../ ... وهذا يعني وبصريح العبارةأن ما يعجز الشوفينيون من تعريبهم يتم اسلمتهم ـ عروبيا ـ وبامتياز !! ... ومن هنا تتأتى ـ حسب وجهة نظرهم ـ اهمية بناء الورش التي تخدم هكذا توجهات ان على الصعيد القطري او القومي / .... واعتماد برامج حوارية لتأصيل القواسم المشتركة بين المواطنين على الصعيدين القطري والقومي والدفع باتجاه اقامة جبهات وطنية قطرية ملنزمة بالأهداف القومية !!! ؟؟؟ ـ اشارات التعجب والإستفهام مني ـ الستة وحوار نخب الأقليات العرقية والطائفية لتحصينها / خوفا عليها من انفلونزا الخنازير ـ اضافة من عندي ـ / كي لا تكون بيادق شطرنج في مخطط التفتيت ... / ... هذه هي التوجهات والبرامج التي تدعي توجهها القومي الديمقراطي وتصوراتها في حل معضلة التشابك بين القومية العربية ومجموعة من الشعوب شاءت التاريخ والجغرافية ان تضم ـ بضم التاء ـ اوتندمج في اطار سيادة دولة عربية قطرية ـ الأمازيغ مثلا ـ وتناضل بلا هوادة لنيل حقوقها .. او ان تختلف مع السائد دينا وانتماءا قوميا ـ جنوب السودان مثلا ـ ... وفي العودة الى الجانب السوري منها ـ أقول ـ استاذ غسان :
كلنا يعلم الظروف التي التزم بها العمل الشيوعي بمبدأ حق تقرير المصير للشعب الكردي كما نعلم تداعيات التراجع ومن ثم تحولها الى قضية خلافية داخلية ـ آنذاك ـ لا بل وانعكس الأمرفي الموقف من مجزرة حلبجة ومدى مسؤولية النظام العراقي البائد عنها وغزو الكويت وانعكاساتها التي اوجبت هكذا افرازات وبالتالي حشر القضية الكردية دائما في الزوايا الخطأ أقلها تبريرا للذات في تهربها والتزامها لا بل والمطالبة بما تملي عليها المبادئ ـ على أقل تقدير ـ ... ومن هنا جاء ـ ولتعذرني ـ دوري في دفع النقاش خطوة مهمة وسؤالي بتحديد الموقف إن من الكرد كشعب ووطن مجزأ اسمه كردستان .... وهذا بالتأكيد سيقودنا الى المفهوم الديمقراطي و... حق تقرير المصير ... ومن ثم ـ اللعب وبشكل مقصود بمجرياتها ـ فبداهة الأمور هي ان الاستفتاآت تشمل الجموع التي ستقرر مصيرها بنفسها لا ما ستجود به الأغلبيات أية اغلبية كرما ... وايضا آلية أو شكل هذا المصير ..اتحاد / فدرالي ... حكم ذاتي / ادارة محلية ..وفق شروط التوافق والاتفاق ..ومن هنا كانت جهود الأخ العزيز جان كرد ومقالاته المتسلسلة في مشروعه ـ وجهة النظر ـ والذي اكدها مرارا بأنها شخصية ومطروحة للنقاش والتداول فثارت ثائرة من ثار واعتبرها ـ حتى استاذنا المفلح ردا غير مباشر ـ .... وبات النقاش وقداخذطورا وكأن اللجان هي على الأبواب للتطبيق ... وخلاصة القول في هذا الجانب أن استلاب حق الانتماء القومي تحت يافطة المواطنة هي كما ظاهرة ضم او استلاب او انتداب هذا الوطن / الأرض ومحوره الشعب ...
الأستاذ القدير غسان المفلح : ..فضاءنا تطرحه انت كمواطنة سورية ويشطح القلم ـ ولتعذرني ـ فتخوض انت في التجربة العراقية ـ الكردستانية منها تحديدا ـ وهنا وبالعذر من الأخ مرشد اليوسف ـ تضع العربة امام الحصان وسأحاول الاختصار وبشدة هنا واذكر فقط بالرغم من ـ شرق اوسطيتنا ـ وتجاورنا لا بل وتعايشنا مع شعوب ذي ثقافات تنفي وتلغي الآخر ـ دمويا ـ ولعلنا مارسناها ـ كرديا ـ في فترات سابقة .. وبالتالي اؤكد ثانية رغم تأثرنا بأحزاب الثورات الكبرى والانقلابات ـ وكنت أشرت في مقال آخر عن هذا الموضوع ـ ... نعم فبالرغم من وجود قائمة التغيير التي فرضت نفسها الا أنه ـ أقله ـ الى هذه اللحظة .. لا يوجد عندنا / هم .. بن بلة ولا صلاح جديد .. وكذلك للحظته لا علي ناصر ولا عبد الفتاح اسماعيل ـ وأظنني ـ تتفق معي أنه بوجود شخصية مثل الفائد مسعود البرزاني رئيسا في الاقليم هو الضمان وجميعنا يتفق ايضا على حنكة وخبرة مام جلال الذي استطاع ان يثبت وبشهادة الكثيرين بأنه رئيس لكل العراقيين فكيف لمجموعة كانت ولفترة طويلة سنده وحاميه ... والسؤال الذي يفرض نفسه الآن ؟؟ : .. ما الغاية تحديدا من زج كردستان العراق هذا من جهة ..ولماذا مماهاة لا بل محاكاة عراق ما بعد السقوط وقد خرج وهو مثكل مترنح من سطوة الاستبداد الذي كان قد اوصله ـ الحكم ـ الى درجة الاجرام ؟؟ ... ومع هذا استاذنا فأن مام جلال ليس بالقائد العام للجيش العراقي !!! ...
استاذ غسان المفلح : يبقى للنقاش معك طعم خاص ـ بالرغم من مفاجآتي المتكررة عن مواقفك وما عرفوني ثلة الأصدقاء عن المخفي من شخصيتك ـ ومع الاختلاف سأظل ـ شخصيا ـ أقر بمثل ما وسمك الأصدقاء ـ كونك صديقا للشعب الكردي ـ وفي الختام اود التركيز على نقطة بأننا لم نصل بعد الى مرحلة الطابو وتوزيع الملكية المقدسة وكذلك رسم للحدود ..ومع هذا علينا ان نقر جميعا بأن هناك مراجع ومواثيق تاريخية ..جملة معطيات وارشيفات لا تزال لها الكثير من المصداقية .. أو استاذنا القدير : ... هل الذاكرة الجمعية العربية قادرة على تناسي وتجاوز لواء اسكندرون ... فلسطين .. عربستان والتي بدأت شعلة نضالاتها تتقد من جديد من خلال منظمة التحرير الأحوازية ... ولتعذرني على هذه الجملة الأخيرة بخصوص الأخوة الآشوريين .. فقد قدموا الى منطقة الجزيرة في ثلاثينيات القرن الماضي ....
**************************
** جريدة الخليج العدد11213 تاريخ 30 / 1 / 2010 الثقافي ـ اوراق ثقافية ـ محمد الأسعد / هويات متخيلة .. هويات مقموعة ....