سن اليأس عند الرجال
ثبت اليوم طبيا ان شعار " الرجال المسنون بحاجة الى هرمونات " ليس دعاية تبثها الصيدليات التجارية بهدف ترويج منتجاتها الذكورية وانما حقيقة واقعة تتعلق بسن اليئ س عند الرجال . ويعترف الاطباء اليوم بشكل واضح بالانحسار الهرموني عند الرجال في سن اليأس لكنهم يعرفون ايضا بان هذا الاضطراب الهرموفي لايتم بالطريقة المباغتة التي يجري فيها عند النساء.
والمشكلة هنا ان الباحثين قد اخضعوا سن اليأس عند النساء الى دراسات مطولة وتفصيلية طوال العشرين سنة الماضية الا ان الابحاث في سن اليئ س عند الرجال ما زالت محدودة .وتشير العديد من الدراسات لعلمية الاخيرة الى ان نسبة التيستوستيرون تبدأ بالانخفاض تدريجيا منذ سن الاربعين عند الرجل وبنسبة1-2% كل عام . قد لا تنطبق هذه النسبة على كافة الرجال الا ان 25 % من الرجال من سن 60 - 80عاما ، كاقصى حد ، يعانون من اعراض نقص التيستوستيرون التالية :
* الفتور ، الشعور بالخيبة والتعب .
* ضعف الرغبة الجنسية وضعف الانتصاب
* ضعف القوى العضلية وازدياد المعاناة من ألم الظهر
* مزا ج متعكر كئيب ، اهتياج ، ونوبات تعرق
والملاحظ هنا ان معظم الرجال لا يتعاملون بجدية مع اعراض دخولهم لسن اليأس رغم الامراض الخطيرة التي قد تتكشف عنها هذه الفترة مثل مرض تنخر العظام وغيرها . هذا في حين ان التشخيص والعلاج بسيطان للغاية : لا يستدعي التشخيص اكثر من التأكد من نسبة التيستوستيرون في الدم من خلال فحص عينة من الدم عند طبيب المسالك البولية اواخصافي امراض الغدد. اما العلاج فيمكن توفيره من خلال الحقن ، الاقراص او من خلال طرق اقل تعقيدا مثل اللصوق على الجسم او كيس الصفن .ان النقص في الدراسات حول سن اليأس عند الرجال دفع العلماء في العام الماضي 1999الى عقد مؤتمر خاص للباحثين في الشوون الهرمونية في مدينة فايمار الالمانية حيث قدمت 11 دراسة جديدة . وتم في هذه الدراسات معالجة سن الياس عند300 رجل بواسطة الهرمونات وهي تجربة متواضعة قياسا بتجربة اطباء سن اليأ س عند النساء التي شملت ملايين ،لنساءحتي الان . وذكر البروفسور الالماني برونو لونينفيلد ، العامل في جامعة بار- ايلان في اسرائيل ، ان اعراض سن اليأ س عند الرجل لا يمكن ان تخظ رغم ان هذه الفترة لاتبدأ عند الرجل بشكل واضح كما هو الحال في النساء حيث يكون توقف العادة الشهرية اول مؤشرات دخول المرأة في سن اليأس . وتتراجع حسب هذه الدراسات ايضا نسبة التيستوستيرون عندالرجال بعد الاربعين بشكل ثابت وبنسبة 1% كل عام الا انه لا وجود لمعيار ثابت .
وعادة لا يتوجه الرجل بسبب الخجل الى الطبيب ليشكو تطورات سن اليئ س لديه الا بعد ظهور ضعف حالة الانتصاب لديه . هذا في حين ان الدراسات الحديثة ، حسب رأي لونينفيلد ، لم تثبت علاقة العجز الجنسي بانخفاض مستوى التيستوستيرون في الدم . والسبب هو ان " الجنس ليس غريزة تظهر بيولوجيا عند الانسان بتأثير الهرمون الذكري فحسب وانما هو على علاقة وارتباط وثيقين بشخصية الانسان وتكوينه ". وعلى هذا الاساس " فان فقدان الحياة الجنسية هو ليس النتيجة المباشرة لتقدم العمر ،انما ، وبشكل اشمل ، انعكاس لموقف شخصي من الجنس ايضا .
وعدا عن الهرمون الذكري فناك الكثير من المواد الاخرى التي تلعب دورا في تقدم العمر. وثبت ان جسم الرجل يفرز بعد بلوغ الخمسين هرمون النمو ( الميلاتونين ) و هرمون ديهايدرو ايبي اندروستيرونDHEAبشكل اقل . اذ يجري تركيب هذه المادة بشكل سلفات ديهايدرايبياندروستيرون في قشرة الغدة الكظرية ليعاد انتاجها بشكل تيستوستيرون او اوستراديول . ويتسبب نقص هذه المواد بالعديد من المضاعفات : تزداد عملية الهدم في العظام ، تتقلص فترات النوم ويضعف الجهاز المناعي عند الرجل . والاهم هوان قدرات الانسان المختلفة تضعف وتتغير عملية استقلاب الشحم فترتفع نسبة الكوليسترول في الدم وترتفع معها بالطبع مخاطر تصلب الشرايين ومخاطر الاصابة بجلطة القلب . ويعلق العلماء امالا كبيرة على امكانية تطوير اقراص هرمونية توقف هذه التغيرات عند الرجل .
ومن المواد الاخرى المؤثرة على حيوية الرجل ونشاطه هو بروتين معين اسمه الغلوبيولين الرابط بالهرمون ا لجنسي Sex-Hormon-Binding-Globulin (SHBG)وهو بروتين يرتبط يالتيستوستيرون ويؤدي بالتالي الى خفض مستوا ه في الدم . واكد الباحث البلجيكي اليكس فرمويلن في المؤتمر ان النتائج الاولية التي تحققت من وراء علاج سن اليأس عند الرجال بواسطة الهرمونات كانت مشجعة جدا . اذ ثبت كمثل ان اعادة ميزان التيستوستيرون الى نصابه في جسم الرجل قد نجح في ابعاد خطر اللاصابة بجلطة القلب . ثبت ايضا ان الاكثار من تناول الهرمونات يؤدي الى نتائج معكوسة تماما لان شعار " كلما اكثر كلما افضل " لا مجال لتطبيقه هنا . عدا عن ذلك فقد نجحت جرعات من الميلاتونين في تحسين نوم الرجال . ويعول الباحثون علي مزيد من التدقيق في تأثيرات في العقار العجيب DHEA قبل البدء باستخدامه في العلاج على نحو واسع . وقد لاحظ العلماء سلفا علاقة هذه المادة بتطورات العمر عن الرجال اذ ان نسبته في مصل الدم تختلف بشكل حاد بين مرحلة واخرى من مراحل نمو الذكر. وتبلغ هذه النسبة ذروتها في مرحلة الشباب لتبدأ بالانخفاض بشكل تدريجي ملحوظ مع تقدم العمر. وتشير نتائج عدة دراسات اجريت الى ان الرجال الذين تحوي دماؤهم نسبة عالية من DHEA لا يتعرضون لجلطات القلب كما يحتفظون دائمة بفعالياتهم وقدراتهم . وهذا ما يقوله البروفسور برونو اللوليو من جامعة فورتسبورج الالمانية مشجعا الرجال دائما على زيارة اطبائهم وا لاستفادة من ارشاداتهم والعلاج بالهرمونات . وتثبت ا لدراسة التي اجراها اللوليو علىDHEA ان هذه المادة لها فعل ايجابي ايضا على مناعة جسم الرجل فهي " تحسن نوعية حياة الرجل عموما ، تزيد قدراته وشعوره بانه في احسن حال ".
ونصح الطبيب والباحث السويسري ماريوس كرينزلن من جامعة بازل الرجال الذين يعانون من سن اليأس بتناول الكالسيوم بانتظام بغية القضاء على احتمال اصابتهم بمرض تنخر العظام . وعموما فقد افلح العلاج بالهرومونات حتى الان بمساعدة الرجال في سن اليأس عن طريق تحسين نسبة الكوليسترول في دمائهم وخفض مقاومة اجسادهم للانسولين ناهيكم عن تحسن الوضع ا لنفسي والجسدي للرجل وقدراته .
مخاطرتضخم البروستات ؟
وواقع الحال ان العلاج الهرموفي لم يسعف الرجال الذين يعانون من الاضطراب الجنسي والعقم والسبب واضح لان الهبو!ط الحاد في نسبة التيستوستيرون ، وهو اولى علائم الضعف الجنسي ، لم يلحظ الا في 10% فقط من الرجال العقيمين . ويتفق الخبراء اليوم من ان ا لهرمونات المقررة للذكورية عندا لرجال مثل التيستوستيرون ليست العلاج الناجع والخيار الاساسي في علاج العقم .
لاتوجد حتى الان دراسات كافية وحقائق ثابتة تتحدث عن المثالب والمخاطر الناجمة عن العلاج بالاندروجين . وهناك مجالات معينة ، مثل تأثير العلاج الهرموفي على الوضع النفسي والعقلي للرجل ، لم يتطرق اليها العلماء اساسا بعد. ومعروف ان الاطباءيعملون على خفض نسبة التيستوستيرون عند الرجل بهدف حمايته من الاصابة بانوا ع مختلفة من امراض التضخم غير الخبيثة في غدة البروستات . ويخشى هؤلاء الاطباء ، على هذا الاساس ، ان يؤدي العلاج الهرموني الى تحفيز البروستات على النمو والتضخم. لم تسجل اية مضاعفات من هذا النوع حتى الان الا ان مؤتمر الاطباء في جنيف توصل الى ان العلاج الهرموفي الهادف للابقاء على النسبة الطبيعية للتيستوستيوون في الجسم ، لا يؤدي بالضرورة الى تضخم البروستات . مع ذلك يعمد العديد من الاطباء الى وقف العلاج ال!هرموني للرجال في سن اليأس حالما تظهر بوادر وان طفيفة في نمو البروستات او في حالة تعزز المخاطر من الاصابة بسرطان البروستات .
تضاعف احتمال الاصابة بكسور الحوض
والسؤال الذي يتعرض له العلماء حاليا بالعلاقة مع سن اليأس هو ما اذا كان العلاج الهرموني يؤدي عند الرجال الى تقليل خطر الاصابة بكسور العظام كما هو الحال مع علاج النساء بالاستروجين . ولهذا يعتقد الاطباء ان العلاج ، من وجهة نظر تأثير الهرمونات العلاجية على العظام ، يجب ان يخضع الى بحث شامل للتأكد من مضاعفاته و تأثيراته . ويقول الدكتور ماريوس كرينزلن المتخصص بالدراسات الهرمونية : " ينظر الباحثون الى ظاهرة تنخر العظام كمرض نسائي بحت في حين ان الرجال ايضا يعانون خلال سن اليأس من تقلص كثافة العظام ". وقدر كرينزلن ان خطر اصابة الرجال فوق سن الستين بكسور الحوض يتضاعف كل عشر سنوات من تقدمهم في العمر . الا ان ما يدفع الرجال المسنين الى عيادة الطبيب هو ليس الخشية من تكسر العظام وانما القلق من فتور الرغبة الجنسية وضعف القدرات عامة وحالة الكدر التي يعيشونها .
ومهم في العلاج الهرموني هو ان يقيس الطبيب نسبة التيستوستيرون قبل اية جلسة علاجية جديدة بهدف التأكد من فاعلية العلاج ومعرفة ما اذا كان الافراز الطبيعي للهرمون قد تمت استعادته . وبعدها فقط يستطيع الطبيب المعالج تقدير فترة العلاج وحجم الجرعة المطلوبة في كل مرة . وفي الحالات الدارجة يتلقى الرجل الهرمون من خلال حقنة في العضلة مرة كل 3-4اسابيع . ويتوفر التيستوستيرون بشكل اقراص ايضا الا ان هذا الهرمون لا يتم امتصاصه بشكل كاف في المعدة والامعاء حسب تقدير كرينزلن .
وعموما فان الرقابة على مستوى التيستوستيرون في الدم وتبادل المشورة مع الطبيب وتقرير حجم الجرعة هما العاملان الحاسمان في العلاج . واذا ما احس الرجل بانه قد اصبح اكثر عدوانية من السابق في الفترة الاخيرة فان هذا مؤشر على احد مضاعفات التيستوستيرون ويتطلب تقليل الجرعة في الحال .