منتديات آباسا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
(أبو حالوب) .....نموذجاً Home10الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 (أبو حالوب) .....نموذجاً

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
dr.Evan osse
الإدارة
الإدارة
dr.Evan osse


ذكر

تاريخ التسجيل : 18/08/2009

عدد المساهمات : 2


(أبو حالوب) .....نموذجاً Empty
مُساهمةموضوع: (أبو حالوب) .....نموذجاً   (أبو حالوب) .....نموذجاً I_icon_minitimeالسبت سبتمبر 19, 2009 11:22 pm

(أبو حالوب) .....نموذجاً


بقلم: د. إيفان أوسي

العراقي الذي قضى عشرين سنة من عمره على طاولة ساكنة في مقهى الروضة الدمشقي، ما قصته؟
كان ساكناً ركناً قريباً من الباب, صيفاً وشتاءً, منذ الصباح حتى انسدال الليل، مستغرقاً في التأمل، ماذا ينتظر(أبو حالوب) ومن؟...هل يتوقع صديقاً أو حبيباً؟ هل يمارس طقسا معيناً؟ كثيراً ما أثار استغراب زائري المقهى, هل يعقل أن يقضي إنسان كل هذا الزمن الطويل دون حراك في مقهى, وهو في أوج شبابه ونشاطه؟!
ربما كشف بعضاً من عالمه الغريب والمغلق في برنامج (سفير في مقهى) الذي عرض منذ فترة على قناة الجزيرة الفضائية، لكنني أعتقد أن للرجل حكاية مكنونة عصية على الاختراق.كثيراً ما كنت أراقبه في المقهى دون أن أثير انتباهه, خشية من تخديش عالمه الحساس وولوج فضاءات ممنوعة عن الغرباء.
رجل بحجم الزمن، فقد زوجته ووطنه، ثم قضى حياته بعد ذلك على طاولة ليس فيها حياة، منتظراً شيئاً ربما لن يأتي، متأملاً الفراغ من حوله، سابحاً في عالم هلامي من اليقظة والنوم, يطقطق أصابعه معظم الوقت، وينفض غبار الزمن عن مفاصله المتيبسة، ثم يعود إلى سباته الطويل الأمد.
(أبو حالوب)، تسمية استمدها من (أيام الشيوعية أو اليسارية) كما قال، أتساءل هل هو كادر من كوادر الحزب الشيوعي العراقي الذين هربوا من بطش النظام البائد؟ هل هو ضحية المواجهة المحتومة بين الفكر المستنير والاستبداد؟
هل يمثل أبو حالوب - نظراً إلى أصوله الشيوعية كما أعتقد - الإنسان الذي بدأ يسارياً وانتهى منهزماً؟, هل يمثل مراوحة الفكر في المكان، وضياع الإنسان في عالم الاستهلاك الحديث؟ كم (أبو حالوب) يوجد في هذا الزمن، زمن الخيبة؟ كم (أبو حالوب) يوجد في البلد؟ المئات وربما الآلاف، ممن ساروا على الدرب سنوات طويلة بهمة المحاربين وإيمان المؤمنين. ثم توقفوا بمرارة وانكسار عند نقطة ثابتة, بعد أن فقدوا الثقة بالطريق الذي ساروا فيه والناس الذين ساروا خلفهم.
(أبو حالوب) ليس شخصية عابرة، أو ظاهرة لا تستدعي الانتباه، بل هو نمط من أنماط عديدة مختلفة تندرج تحت ظاهرة الانعزال الاجتماعي أو الانزواء إلى الذات، واعتكاف المكان، ومخاصمة الفكر. وهي ظاهرة جديرة بالدرس والتمحيص واستكشاف الحلول.
في رأيي, يمكن عزو ظاهرة (أبو حالوب) على اختلاف أشكالها وأنماطها، إلى عوامل عديدة، منها العيش في المنفى هربا من الأنظمة الاستبدادية، وما أكثرها! إذ ينتظر الإنسان في الابتعاد القسري عن وطنه، غربة قاسية وحنيناً دائماً إلى المكان الأول. يضاف إليها شظف العيش, والمعاناة في تأمين اللقمة النظيفة, البعيدة عن المحاباة والتملق.ومن العوامل الهامة المسببة لظاهرة الانعزال الفكري والاجتماعي التي أشير إليها هو اغتراب الإنسان في عصرنا الحديث، وهذا بالذات ما أريد التحدث عنه، وذلك بعد سلسلة الهزائم المحلية والعالمية في مواجهة الرأسمال المتوحش، ومن ثم تدهور الأحزاب اليسارية والتقدمية في المنطقة وفي العالم عموماً، وعجزها عن الإجابة عن بعض التساؤلات المعاصرة.
كذلك أفسح المجال للطغيان المادي والديني والطائفي أن يعود قوياً ومنيعاً كالأخطبوط ينافس الإنسان في لقمة عيشه ويكبل عقله ويجرده من إنسانيته وفكره الحر وتوقه إلى عالم عادل خال من الظلم والحرمان.
وحزبنا الشيوعي السوري الذي تجدد مؤخراً, وفتح أبوابه الموصدة لنفحات ديمقراطية حقيقية وسليمة, وتصدى مثقفوه للجمود العقائدي، وغردوا خارج السرب المعهود، مطلوب منه أن يمد يده اليوم وقبل الغد إلى كل (أبوحالوب) من أبناء البلد, الأعزاء الغائبين أو المغيبين، غائبين بأجسادهم حاضرين بأرواحهم وأدمغتهم، في قلوبهم اشتياق طال أمده وتحت أقدامهم جمر متوقد يصعب إخماده.
(إننا محكومون بالأمل.وما يحدث اليوم لا يمكن أن يكون نهاية التاريخ)، بهذه الكلمات البسيطة واجه سعد الله ونوس موتاً سريرياً محتوماً, ومع هذه الكلمات نواجه نحن خنق المجتمع وصمته وتغييبه.
بقلب مفتوح وصدر رحب نوجه هذه الدعوة, دعوة للأمل والتأمل لكل من يدور في ذهنه هواجس الإنسان والعدالة والحرية, لكل من يحلم بحياة إنسانية أكرم ولقمة خبز أرخص.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
(أبو حالوب) .....نموذجاً
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات آباسا :: المنتدى الثقافي :: قصة-
انتقل الى: