قبل أكثر من عام ورد في صحافتنا الموقرة أن لدى مصرف سورية المركزي أطناناً عديدة من الوحدات النقدية المعدنية القديمة المجمعة والمكدسة (لعدم استعمالها نتيجة ضعف القوة الشرائية لها) والمطروح بيعها للغير لصهرها واستخدامها في مجالات أخرى، وعلى الأغلب لم يتم بيعها حتى الآن، وقد تم مؤخراً طرح كمية إضافية من الليرات في السوق، نظراً لحاجتها في أجور النقل للمسافات القصيرة التي تم تسعير بعضها بالليرات، وقبل أيام ورد في الصحافة الرسمية أن الحاجة ماسة لإيجاد قطعة نقدية معدنية من فئة الخمسين ليرة سورية، وأن الفكرة قيد الدراسة، لدى الجهات المختصة، وخاصة بعد أن ظهرت أعداد كبيرة شبه تالفة من فئة الخمسين ليرة الورقية (وأيضاً من فئة المئة والمئتين).
على الأغلب ما زالت مستودعات المصرف المركزي تحوي كميات كبيرة من النقود المعدنية القديمة، وخاصة أجزاء الليرة (النصف فرنك-الفرنك-الفرنكين-الربع ليرة-النصف ليرة)، التي خرجت من السوق كلياً قبل عشرات السنين، إضافة الى نماذج عديدة من الليرات المعدنية، والتي بعضها موجود حالياً في السوق، وبتواريخ إصدار متعددة، منها نموذجان من الحجم الكبير نسبياً متشابهان بالشكل صادران في عامي (1974-1979)، ونموذج يحمل صورة الرئيس حافظ الأسد، (صادر في عام 1978) بمناسبة إعادة انتخابه رئيساً للجمهورية العربية السورية، وثلاثة نماذج متشابهة بالشكل أصغر قليلاً من النموذجين المذكورين، (صادرة في الأعوام /1991-1994-1996)، وحيث أن المصرف المركزي لم يوفَّق في بيع أطنان الوحدات النقدية المعدنية المخزّنة، فلديه فرصة الاستفادة منها، لإعادة صكها بوحدة نقدية من فئة الخمسين ليرة، ولتحل تدريجياً محل القطعة الورقية المهترئة، على أن يتم اختيار وزن وشكل وحجم القطعة الجديدة بما يتناسب وحجم وشكل القطع المستخدمة حالياً، وبما للا يُثقِل الوزن في جيب المواطن، وقد يكون لدى المصرف المركزي خيارات عديدة في ذلك وعلى مراحل،
1- صهر كامل كمية الوحدات النقدية القديمة، التي خرجت من التداول في السوق بشكل كلي نظراً لعدم وجود وحدات سلعية تباع بأسعار هذه الوحدات، وإعادة صكها من فئة الخمسين ليرة، والفئات النقدية الأخرى، وذلك في ضوء الحاجة.
2- تجميع كامل وحدات الليرة المعدنية القديمة ذات الحجم والوزن الكبير، أكانت من إصدار عامي /1974-1978/ أو من أعوام أخرى تمهيداً لصهرها.
3- الإبقاء مؤقتاً على الليرات المعدنية المتداولة حالياً (ذات الحجم الصغير نسبياً) من إصدار الأعوام (1991-1994-1996)، على أن يتم لاحقاً سحب كميات منها من التداول، بالتتابع في ضوء ضعف استخدامها في السوق، والإعداد لصهرها وتجديدها.
4- الإبقاء على كامل الليرات المعدنية التي تحمل صورة الرئيس الخالد، كونها صادرة بمناسبة وطنية تاريخية، مادامت الحاجة ماسة لاستخدام وحدة الليرة المعدنية في السوق.
من المؤكد أنه قد تحققت فائدة كبرى من خلال التروي في بيع النقود القديمة، وخاصة إن لم تكن مخزنة في مستودعات مأجورة (بلغت أجرتها أضعاف قيمتها)، ومن المؤكد أنه ستتحقق فائدة أكبر من خلال عدم التردد في صهرها وتجديدها الى فئات نقدية، وحبذا ألا يخفى على أولي الأمر، أنه لدينا الكثير من القديم الذي يجب عدم التخلي عنه، والذي يجب على الدولة العمل على تجديده بما يخدم الواقع الراهن، لا أن تعرضه للبيع للغير، والأمر لا يقتصر على ما بحوزتنا من الماديات، بل ينطبق أيضاً على ما بحوزتنا من نظريات.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية